AMNAY
بمجرد
أن أكد السيد مارك زوكربيرغ المؤسس والرئيس التنفيذي لموقع فيس بوك رغبة
شركته في إطلاق زر Dislike أو لم يعجبني حتى بدأ الحديث عن تخوفات من أن
يكون عاملا جديدا على هذه الشبكة لاشعال فتيل العداوة و حالة من العدوانية
بين الاصدقاء و يؤثر بشكل سلبي على التواصل بينهم.
بذات الوقت هناك فريق سعيد جدا بهذا الخبر، أخيرا الزر الذي سننتقم به من
الشركات و الصفحات و الجهات التي لا نحب محتوياتهم،
أو بصراحة الناشرين من الاصدقاء و الشركات الذين نكن لهم الكراهية و
لدينا معهم خلافات و هو زر لتحطيم معنويات المنافسين أيضا … منطق الأطفال!
و بالفعل تدرك الشركة مخاوف الفريق الأول و حماسية الثاني و ترى أنه ليس من
مصلحتها تحويل موقع فيس بوك من شبكة للتوصل و التعبير عن الأراء و بناء
علاقات صداقة حقيقة إلى موقع للصراعات بين الأفراد و قضاء بعض الوقت يوميا
في المشاكل و ردود الفعل السلبية و هو اسرع طريق لنرى حالة من الهجرة
الجماعية نحو شبكات اجتماعية تحقق التواصل و التفاهم و ليس المزيد من
الخلافات.
العالم يعيش حالة من التوتر بين الدول و المجتمعات و الأفراد و هناك الكثير
من المشاكل و لسنا بحاجة إلى منصة على الانترنت لقضاء الوقت في حروب
افتراضية ذات تأثيرات نفسية سيئة على الأفراد، العالم بحاجة إلى تفاهم و
إلى السلام و التواصل و تقريب المسافات و هي الأهداف السامية التي تغنى بها
طويلا مارك و لا أظن سيتخلى عنها ليخرج الموقع عن الطريق المرسوم له منذ
اليوم الأول.
يوتيوب و أيضا منصة reddit يتمتعان بهذا الزر، و بالفعل ساعد Dislike أصحاب
المحتويات على تحسين الجودة و نشر الأفضل إلى جانب اقتراح أفضل المحتويات
الممكنة للمشاهدين على يوتيوب، لكن اضافته إلى فيس بوك بنفس المفهوم و على
شكل زر إلى جانب زر “أعجبني” سيكون مختلفا كليا.
فيس بوك هي المنصة التي يجتمع فيها الأصدقاء أما يوتيوب و reddit فهما
منصتين لاستكشاف المحتوى الجديد و أنت على المنصتين تتعامل مع الناشرين و
ليس الأصدقاء و هذا ما يجعل الأمر مختلفا.
أصحاب المحتوى على يوتيوب يشعرون بالسوء عندما تتلقى الفيديوهات الخاصة بهم
عددا كبيرا من Dislike و رغم ذلك فهم يتعايشون مع الأمر لاعتقادهم بأنها
تقييمات سلبية من منافس حاقد أو من أشخاص غير معروفين من الجمهور و المسألة
هنا ليست شخصية لأنك لا تتعامل مع أصدقاء بل جمهور و متابعين نفس الأمر
يحدث على reddit.
لكن على فيس بوك الأمر مختلف كليا، تخيل معي أنه تمت اضافة زر Dislike بنفس
مفهوم زر “أعجبني” ما الذي سيحدث؟ سؤال مهم و علينا التفكير جديا في هذا
السؤال.
لن أتركك تفكر كثيرا، فالجواب معروف، محتوياتك ستتلقى عددا جيدا من Dislike
خصوصا من هؤلاء الذين يراقبون ما ننشره و لا يعلقون أو نرفض التفاعل معهم
لعدم اقتناعنا بما يقومون بنشره، حينها كيف ستشعر عندما تجد أن عددا من “لم
يعجبني” مصدره بعض من أصدقائك المفضلين على هذه الشبكة؟ و من أشخاص تشك في
مدى صدق قيامهم بالضغط على Dislike؟
ستشعر بالغضب اتجاههم و بحالة من الاستياء و على الأغلب ستتجه أنت ايضا
للضغط على زر Dislike كلما صادفت منشورا لهم، و احزر معي ماذا سيحدث؟ حالة
من العداء و النقاشات السلبية تنتهي بحذف متبادل و حظر و هو ما لا يريد فيس
بوك حدوثه.
ستتحول هذه الشبكة من منصة لتبادل وجهات النظر و متابعة المنشورات المفيدة و
الصفحات التي تقدم لنا قيمة اضافية إلى منصة تعيش حالة من الفوضى، هذا
يضغط على Dislike فقط لتحطيم معنويات الناشرين الذين يقدمون فائدة، و آخر
يقوم بنفس الأمر لتصفية حسابات مع شركات و أفراد بهذه الطريقة فيما آخر
يضغط عليه للمنشورات التي سبق و أصحابها قاموا بنفس الأمر مع منشوراته.
يا لها من فوضى و حرب سيئة للغاية ستحدث على فيس بوك إذا ما جاء زر Dislike
ليكون الخيار البديل لزر like و ستعقبه لاحقا حالة من الانسحاب الجماعي
لشيء واحد و هو أن فيس بوك تحول في هذه الحالة إلى مصدر للمشاكل في حياتنا و
إلى العيش في المزيد من الاحتقان و كأن مشاكلنا اليومية قليلة أو منعدمة
في الاصل.
من هذه الزاوية التي أنظر منها للمسألة بشكل عقلاني ينظر أيضا مارك و فريق
عمله إلى هذه الميزة التي قد تحول الشبكة إلى جحيم في حالة تقديمها على شكل
زر مقابل لزر “أعجبني” لتحصل المنشورات على عدد من like و عدد من Dislike،
هذا أمر خطير و لن يحدث.
زر عدم الإعجاب الذي عملت عليه فيس بوك منذ مدة طويلة سيكون مغايرا لما
يتوقعه الناس، لن يسبب أي حزن للناشرين و لن يكون سببا في خلق حالة من
الاحتقان بين الاصدقاء فهو نظام متكامل الغاية منه هي معرفة تفضيلات
المستخدم و التقليل من المنشورات الغير المرغوب بها في صفحة آخر الأخبار
News Feed وسيكون الخيار الوسط بين ظهور منشورات تسبب عواطف سلبية للمستخدم
و بين “إلغاء المتابعة” و منع ظهور المنشورات من شخص أو صفحة معينة، و
بالتالي ستظهر لك المنشورات التي تهمك من الأصدقاء كلهم بما فيهم هؤلاء
الذين لا تعجبك أغلبية ما يقومون بنشره و لا تريد بنفس الوقت الغاء
متابعتهم.
و سيكون أيضا بمثابة اشارة للتعبير عن الشعور بالحزن إزاء حدث معين أو
مناسبة مأساوية معينة، خصوصا و أننا نشعر بالحرج الذي يمنعنا من الضغط على
“أعجبني” عندما يتعلق الأمر بمنشورات وفاة قريب لصديق معين او حدوت مكروه
له.